ولما كان معنى هذا كله أن الإنسان محجوب في هذه الدار عن إدراك الحقائق بما فيه من الحظوظ والكسل والفتور، لما فيه من النقائص، وكان النبي ﷺ مبرءاً من ذلك لخلق الله له كاملاً وترقيته بعد ميلاده كل يوم في مراقي الكمال حتى صار إلى حد لا يشغله عن العلوم شيء فكان بحيث يرى مواقع الفتن خلال البيوت كمواقع القطر، ويرى من ورائه كما يرى من أمامه، ويقول :"والله لا يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم أني أراكم من وراء ظهري" وكان ﷺ يرى في أشد الظلام وغير ذلك مما له ﷺ من رقة الجوهر الذي لم ينله أحد غيره، وذلك مام يدل على الكشف التام ولكنه كان ﷺ لتعظيمه لها فتستقصى، ولأنه كلام الملك الأعظم، وبأمره نزل إليه ﷺ مع رسوله جبريل عليه الصلاة والسلام، يعالج عند سماعه أول ما يأتيه شدة، فكان يحرك به لسانه استعجالاً
٢٤٨