الجهة وغيرها : والحق ما ظهر لأهل السنة والجماعة من شواهد الشرع أن ذلك يخلق في العين ليكون لفظ الرؤية والنظر وسائر الألفاظ الواردة في الشرع مجرى على ظاهره إذ لا يجوز إزالة الظواهر إلا لضرورة - انتهى، وأهل الجنة متفاوتون في النظر : روي أن منهم من ينظر إلى الله بكرة وعشية، وفي خبر آخر، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن، ومتفاوتون في مقدار الكشف في الجمال والأنس والبهجة التي يكون عنها اللذة بحسب أعمالهم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٥٠
ولما ذكر أهل النعمة، أتبعه أضدادهم من أهل النقمة فقال :﴿ووجوه يومئذ﴾ أي في ذلك اليوم بعينه ﴿باسرة *﴾ أي شديدة العبوس والكلوح والتكره لما هي فيه من
٢٥٢
الغم كأنها قد غرقت فيه فرسبت بعد أن سبرت أحوالها، فلم يظهر لها وجه خلاص، والباسل أبلغ من الباسر لكنه غلب في الشجاع لاشتداد كلوحه عند العراك، وتلك الوجوه عن ربها محجوبة، وإلى أنواع العذاب ناظرة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٥٠
ولما كان ظن الشر كافياً في الحذر منه والمبالغة في اتسعمال ما يحمي منه، قال دالاً على أنه عبر بالوجه عن الجملة :﴿تظن﴾ أي تتوقع بما ترى من المخايل :﴿أن يفعل﴾ بناه للمفعول لأن المحذور وقوع الشر لا كونه من معين ﴿بها﴾ أي بهم فإنه إذا أصيب الوجه الذي هو أشرف ما في الجملة كان ما عداه أولى ﴿فاقرة *﴾ أي داهية تكسر الفقاره وهو عظم سلسلة الظهر الذي هو أصلب ما في العظام فتكون قاصمة الظهر، فالآية من الاحتباك : ذكر النظر في الأولى دليلى على ضده في الثانية، وذكر الفاقرة في الثانية دليل على ضدها في الأولى.


الصفحة التالية
Icon