ولما كان المقصود لأرباب اللباس الفاخر الحلية، أخبر عن تحليتهم، وبني الفعل للمفعول دلالة على تيسر ذلك لهم وسهولته عليهم فقال :﴿وحلّوا﴾ أي وجدت تحلية المخدومين والخدم ﴿أساور من فضة﴾ وإن كانت تتفاوت بتفاوت الرتب، وقتدم سر تخصيص هذه السورة بالفظة والأساور بجمع ما فيها من لذة الزينة لذة اتساع الملك فإنها كناية عنه فإنه - كما قال الملوي - كان في الزمن القديم إذا ملك ملك أقاليم عظيمة كثيرة لبس سواراً وسمي الملك المسور لاتساع مملكته وعظمتها وكثرة أقاليمها، وإن لم تجمع أقاليم لم يسور فما ظنك بمن أعطى من ذلك جميع الكثرة، وهي بالغة في الأعضاء ما يبلغ التحجيل في الوضوء كما قال ﷺ :"تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" فلذا كان أبو هريرة رضي الله عنه يرفع الماء إلى المنكبين وإلى الساقين.
ولما كان ربما ظن بما تقدم من ذلك الممزوج شيء من نقص لأجله يمزج كما هو في الدنيا، وكان قد قال أولاً ﴿يشربون﴾ بالبناء للفاعل، وثانياً (يسقون) بالبناء للمفعول، قال بانياً للفاعل بياناً لفضل ما يسقونه في نفسه وفي كونه من عند الإله
٢٧٣


الصفحة التالية
Icon