ولما نهى عن طاعتهما القاطعة عن الله، أمر بملازمة الموصل إلى الله وهو الذكر من غير عائق الذي هو دواء لما عساه يلحق من الأدواء لمجرد رؤية الآثم أو الكفور لأرباب القلوب الصافية، والذكر مقدم على كل عبادة وإن وضع العباد لما كان طلباً للتواصل إلى نيل معرفة الله سبحانه، وكان التصور بحسب الاسم أول مراتب التصور طلبعاً بدأ به وضعاً، وذلك لأن النفس تحب السفول لما لها من النقائص، فاحتاجت إلى سبب مشوق لها إلى الأعلى فوضعت لها العبادات، وأجلها العبادة الشفوعة بالفكر، لأنه السبب الموصل إلى المقصود ولا تفيد العبادة بدونه فقال :﴿واذكر﴾ أي بلسانك ﴿اسم ربك﴾ أي المحسن إيلك بكل جميل ﴿بكرة﴾ عند قيامك من منامك الذي هو الموتة الصغرى وتذكر أنه يحيي الموتى ويحشرهم جيمعاً ﴿وأصيلاً*﴾ عند انقراض نهارك وتذكرك انقراض دنياك وطي هذا العالم لأجل إيجاد يوم الفصل، وفي ذكر الوقتين أيضاً إشارة إلى دوام الذكر، وذكر اسمه لازم لذكره، ويجوز أن يكون أمراً بالصلاة لأنها أفضل الأعمال البدنية لأنها أعظم الذكر لأنها ذكر اللسان والجنان والأركان فوظفت فيها أذكار لسانية وحركات وسكنات على هيئة مخصوصة من عادتها ألا تفعل إلا بين أيدي الملوك، فكان تنبيهها على وجود الصانع والاعتراف بإلهيته وتفرده اكثر إلا بين أيدي الملوك، فكان تنبيهها على وجود الصانع والاعتراف بإلهيته وتفرده أكثر فكانت أفضل، فيكون هذاعلى هذا أمراص بصلاتي الصبح والعصر، فإنه لم يكن أمر في اول الإسلام بغيرهما وبهما أمر من كان قبلنا، وهما أفضل الصلوات وكانتا ركعيتن ركعتين، ويجوز أن يكون أمراً بصلاتي الصبح والظهر والعصر فإن الأصيل يتناول وقتيهما لأنه مطلق العشي، وأما المغرب والعشاء ونافلة الليل فدخلت في قوله :﴿ومن الّيل﴾ أي بعضه والباقي للراحة بالنوم ﴿فاسجد له﴾ أي فصل له صلاتي المغرب
٢٧٦


الصفحة التالية
Icon