جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٣
ولما ذكر تغيير السماء والأرض، ذكر ما فعل ذلك لأجله فقال :﴿وإذا الرسل﴾ أي الذي أنذروا الناس ذلك اليوم فكذبوهم ﴿أقتت *﴾ أي بلّغها الذي لا قدير سواه بأيسر أمر ميقاتَها الذي كانت تنتظره، وهو وقت قطع الأسباب وإيقاع الرحمة والثواب للأحباب النقمة والعقاب للأعداء بشهادتهم بعد جمعهم على الأمم بما كان منهم من الجواب، وحذف العامل في " إذا " تهويلاً له لتذهب النفس فيه كل مذهب، فيمكن أن يكون تقديره : وقع ما توعدون فرأيتم من هذا الوعيد ما لا يحتمل ولا يثبت لوصفه العقول، وعلى ذلك دل قوله ملقناً لما ينبغي أن يقال : وهو ﴿لأيّ يوم﴾ أي عظيم ﴿أجلت *﴾ أي وقع تأجيلها به، بناه للمفعول لأن المقصود تحقيق الأجل لا كونه من معين، وتنبيهاص على أن الميعن له معلوم أنه الله الذي لا يقدر عليه سواه، ثم أجبا عن هذا السؤال بقوله مبدلاً من " لأي يوم " :﴿ليوم الفصل *﴾ أي الذيإذاأطلق ذلك لم ينصرف أليه لأنه لا يترك فيه شيئاً إلا وقع الفصل فيه بين جميع الخلق من كل جليل وحقير، ثم هوله وعظمه بقوله :﴿وما أدراك﴾ أي وأي شيء أعلمك وإن اجتهدت في التعرف، ثم زاده تهويلاً بقوله :﴿ما يوم الفصل *﴾ أي إنه أمر يستحق أن يسأل عنه ويعظم، وكل ما عظم بشيء فهو أعظم منه، ولا يقدر أحد من الخلق على الوصلو إلى علمه لأنه لا مثل له يقال عليه.