ولما كان التقدير : نعم والله لتردن يا هؤلاء، إنما هذا الذي تقولونه كله استبعاد منكم كما أنكم مقرون بسهولته لو عقلتم، أما من جهة القدرة فلأن الابتداء أصعب من الإعادة وأنتم مقرون بالابتداء ولأن الاستبعاد إن كان من جهة وقوع الظن بأن من صار تراباً يصير عوده محالاً من جهة تعذر تمييز ترابه من تراب غيره، فتمييز النازع والناشط من الملائكة للروح من الجسد أصعب من ذلك بكثير، وكذا غير هذا مما تدبره الملائكة من الأمور، فكيف يصعب على ربهم سبحانه شيء يسهل مثله عليهم، وأما من جهة العوائد فإن أحداً لا يدع رعية له بغير حساب أصلاً، وأما من جهة الوعد فقد تقدم به، وليس من شيم الكرام فضلاً عن الملوك إخلاف الوعد ولا إقرار الظلم فلا تكذبوا به، وليس من شيم الكرام فضلاً عن الملوك إخلاف الوعد ولا إقرار الظلم فلا تكذبوا بها ولا تستصعبوها، قال مسبباً عن هذا المدقر مهدداً لأصحاب الشبهة المقلدين :﴿فإنما هي﴾ أي القيامة ﴿زجرة *﴾ أي صيحة بانتهار تتضمن الأمر بالقيام والسوق إلى المحشر والمنع من التخلف ﴿واحدة *﴾ عبر بالزجر وهو أشد من النهي لأنه يكون للعرض لأنها صيحة لا يتخلف عنها القيام أصلاً، فكان كأن لسان الحال قال عن تلك الصيحة : أيها الأجساد البالية! انتهى عن الرقاد، وقومي إلى الميعاد، بما حكمنا به من المعاد، فقد انتهى زمان الحصاد، وآن أوان الاجتناء لما قدم من الزاد، فيا ويل من ليس له زاد!
٣١٢