ولما أخبر سبحانه عنه بهذه الكلمة الشنعاء القادحة في الملك، وكان الملوك لا يحتملون ذلك بوجه، سبب عنها وعقب قوله :﴿فأخذه الله﴾ أي الملك الذي لا كفوء له ولا أمر لأحد معه أخذ قهر وذل منكلاً به مخذلاً له :﴿نكال الآخرة﴾ فهو مصدر من المعنى، أي أخذ تنكيل فيها يكون مثلاً يتقيد به ويتعظ كل من سمعه عن مثل حال فرعون، وقدمها اهتماماً بشأنها وإشارة إلى أن عظمة عذابها أعظم ولا يذوقه الإنسان إلا بكشف غطاء الدنيا بلالموت، وتنبهاً على أن المنع من مثل هذه الدعوى للصدق بها أمكن، وليس ذلك للفاصلة لأنه لو قيل :" الأخرى " لوافقت ﴿والأولى *﴾ أي ونكال الدنيا الذي هو قبل الآخرة فإن نم سمع قصة غرقه ومجموع ما اتفق له كان له ذلك نكالاً مانعاً من عمل مثله أو أقل منه، قال الضحاك : أما في الدنيا فأغرقه الله تعالى وألقاء بنجوة من الأرض، أما في العقبى فيدخله الله تعالى النار ويجعله ظاهراً على تل منها مغلولاً مقيداً ينادي عليه هذا الذي ادعى الربوبية دجون الله انتهى.
وأنا لا أشك أن الحلاج وابن عربي وابن الفارض، وأتباعهم يكونون في النار تحتهم وتحت آلهة يشربون عصارتهم، فإنهم ادعوا أنه ناج وصدقوه فيما ادعاه وادعوا لأنفسهم وغيرهم مثل ما ادعاه تكذيباً للقرآن وإغراقاً في العدوان، وزادوا عليه بابتذال الاسم الأعظم الذي حماه
٣١٦
الله من أن يدعيه أحد قبل إرسال النبي ﷺ فادعوا أنه يطلق عليهم وعلى كل أحد بل كل شيء، وأمارة هذه الطائفة الخبيثة التي لا تتخلف أن تقول لأحدهم : العن فرعون الذي أجمع على لعنه جميع الطوائف.
وهو مثل عندهم في الشرارة والخبث فلا يلعنه، وإن لعنه فبعد توقف.