ولما ذكر الخوف ذكر ما يتأثر عنه ولم يجعله مسبباً عنه ليفهم أن كلاًّ منهما فاصل على حياله وإن انفصل عن الآخرة فقال :﴿ونهى النفس﴾ أي التي لها المنافسة ﴿عن الهوى﴾ أي كل ما تهواه فإنه لا جر إلى خير لأن النار حفت بالشهوات، والشرع كله مبني على ما يخالف الطبع وما تهوى الأنفس، وذلك هو المحارم التي حفت بها النار فإنها بالشهوات، قال الرازي : والهوى هو الشهوة المذمومة المخالفة لأوامر الشرع - قال الجنيد : إذا خالفت النفس هواها صار داؤها دواءها، أي فأفاد ذلك أنه لم يؤثر الحياة الدنيا، فالآية من الاحتباك : أتى بطغى دليلاً على ضده ثانياً، وبالنهي عن الهوى ثانياً دلالة على إيثار الدنيا أولاً.
ولما كان مقام ترغيب، ربط الجزاء بالعمل كما صنع في الترهيب فقال وأكد لأجل تكذيب الكفار :﴿فإن الجنة﴾ أي البستان الجامع لكل ما يشتهي ﴿هي﴾ أي خاصة ﴿المأموى *﴾ أي له، لا يأوي إلى غيرها، وهذا حال المراقبين.
٣٢٠
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٢٠
ولما قسمهم هذا التقسيم المفهم أن هذا شيء لا بد منه، استأنف ذكر استهزائهم تعجيباً منهم فقال :﴿يسئلونك﴾ أي قريش على سبيل التجديد والاستمرار سؤال استهزاء وإنكار واستبعاد :﴿عن الساعة﴾ أي البعث الآخر لكثرة ما تتوعدهم بها عن أمرنا.
ولما كان السؤال عنها مبهماً بينه بقوله :﴿أيان مرساها *﴾ أي في أي وقت إرساؤها أي وقوعها أو ثباتها واستقرارها.