ولما عرف بسياق الغيبة ما أريد من الإجلال، وكان طول الإعراض موجباً للانقباض، أقبل عليه ﷺ فقال :﴿وما يدريك﴾ أي وأي شيء يجعلك داراً بحاله وإن اجتهدت في ذلك فإن ذوات الصدور لا يعلمها إلا الله تعالى ﴿لعله﴾ أي الأعمى ﴿يزكى﴾ أي يكون بحيث يرجى تطهره ونمو أحواله الصالحة بما يسمع منك ولوعلى أدنى الوجوه بما يشير إليه إدغام تاء الافتعال، وكذا قوله :﴿أو يذكر﴾ أي أو يقع منه التذكر لشيء يكون سبباً لزكائه وتذكره ولو كان ذلك منه على أدنى الوجوه المخرجة من الكفر فإن الخير لا يحقر شيء منه، وسبب عن تزكيه وتذكره قوله :﴿فتنفعه﴾ أي عقب تذكره وسببه ﴿الذكرى *﴾ وفي ذلك إيماء إلى أن الإعراض كان لتزكية غيره وتذكره، وقراءة النثب على أنه جواب " لعل ".
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٢٣
ولما ذكر العبوس والتولي عنه فأفهما ضدهما لمن كان مقبلاً عليهم، بين ذلك فقال :﴿أما من استغنى *﴾ أي طلب الغنى وهو المال والثورة فوجده وإن لم يخش ولم يجئ إليك ﴿فأنت له﴾ أي دون الأعمى ﴿تصدى *﴾ أي تتعرض بالإقبال عليه والاجتهاد في وعظه رجاء إسلامه وإسلام أتباعه بإسلامه وهم عتبة بن ربيعة وأبو جهل وأبي وأمية ابنا خلق، وأشار حذف تاء التفعل في قراءة الجماعة وإدغامها في قراءة نافع وابن كثير إلى أن ذلك كان على وجه خفيف كما هي عادة العقلاء.
٣٢٤
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٢٣