ولما كان اكثر انصاب التعجيب منه ناظراً إلى تكذيبه بالساعة لأجل ظهور أدلتها في القرآن جداً ولأنه توالت في هذه السور إقامة الأدلة عليها مما لا مزيد عليه، شرع في إقامة الديل عليها بآية الأنفس من ابتداء الخلق في أسلوب مبين لخسته وحقارته وأن من ألبسه أثواب الشرف بعد تلك الخسة والحقارة جدير منه بالشكر لا بالكفر، فقال منبهاً له بالسؤال :﴿من أي شيء﴾ والاستفهام للتقرير مع التحقير ﴿خلقه *﴾ ثم أجاب إشارة إلى الجواب واضح لا يحتاج فيه إلى وقفة أصلاً فقال مبيناً حقارته :﴿من نطفة﴾ أي ماء يسير جداً لا من غيره ﴿خلقه﴾ أي أوجده مقداراً على ما هو عليه من التخطيط ﴿فقدره﴾ أي هيأه لما يصلح من الأعضاء الظاهرة والباطنة والأشكال والأطوار إلى أن صلح لذلك ثم جعله في ظلمات ثلاث : ظلمة البطن ثم الرحم ثم المشيمة، أو هي
٣٢٨