جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٢٧
ولما كان الحب قوتاً فبدأ به لأنه الأصل في القوام، عطف عليه ما هو فاكهة وقوت فقال :﴿وعنباً﴾ هو فاكهة في حال عنبيته وقوت باتخاذه زبيباً ودبساً وخلاً.
ولما كان لذلك في بيان عجائب الصنع ليدل على القدرة على كل شيء فيدل على القدرة على البعث فذكر ما إن أخذ من منبته قبل بلوغه فسد، وإن أخذ وعولج - صلح للادخار، أتبعه ما لا يصلح للادخار بوجه فقال :﴿وقضباً *﴾ وهو الرطب من البقل وغيره، وهو يزيد على الماضيين بأنه فيه ما هو دواء نافع وسم ناقع، وبأنه يقطع مرة بعد أخرى فيخلف، سمي بمصدر قضبه - إذا قطعه بحصد أو قلع.
ولما ذكر ما لا يصلح أن يؤكل إلاّ رطباً من غير تأخير، أتبعه ما لا يفسد بحال لا على أمه ولا بعد القطاف ويصلح بعد القطاف فيؤكل أو يعصر، فيكون له دهن للاستصباح والإدهان والائتدام، وفيه تقوية للعظام والأعظام والأعصاب ولا يفسده الماء بوجه كما أن العنب يعصر فيكون منه دبس وخل وغيرهما، ومتى خالطه الماء فسد، فقال :﴿وزيتوناً﴾ يكون فيه مع ما مضى حرافة وغضاضة فيها يأكل على أمة ويقطع فيدخر، فهو جامع بين التحلي والتحمض بالخل التفكه والتقوي والتداوي للسم الناقع والسحر الصارع من عجوة المدينة الشريفة وغير ذلك من ثمرة وشجرة، ولا يصبر شجره على البرد فقال :﴿ونخلاً *﴾ وكل من هذه الأشجار مخالفة للآخر في الشكل والحمل وغير ذلك مع الموافقة في الأرض والسقي.