ولما كان لا نعيم أفضل من الشماتة بالعدو لا سيما إذا كانت على أعلى طبقات الشماتة قال تعالى :﴿فاليوم﴾ أي فتسبب عن هذا من فعلهم في دار العمل أنه يكون في دار الجزاء ﴿الذين آمنوا﴾ ولو كانوا في أدنى درجات الإيمان ﴿من الكفار﴾ خاصة، وهم الراسخون في اكفر من عموم الذين أجرموا، في الحشر والجنة سخرية وهزؤاً، فإن الذين آمنوا لا يضحكون من عصاة المؤمنين لو رأوهم يعذبون بل يرحمونهم لاشتراكهم في الدين ﴿يضحكون﴾ قصاصاً وجزاء حين يرون ما هم فيه من الذل سروراً بحالهم شكراً لله على ما أعطاهم من النجاة من النار والنقمة من أعدائهم، قال أبو
٣٦٥
صالح : تفتح لهم الأبواب ويقال : اخرجوا، فيسرعون فإذا وصلوا إلى الأبواب غلقت في وجوههم وردوا على أقبح حال، فيضحك المؤمنون - انتهى.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٦٤
ويا لها من خيبة وخجلة وسواد وجه وتعب قلب وتقريع نفس من العذاب بالنار وبالشماتة والعار، حال كون الذين آمنوا ملوكاً ﴿على الأرئك﴾ أي الأسرة العالية المزينة التي هي من حسنها أهل لأن يقيم المتكئ بها ﴿ينظرون *﴾ أي يجددون تحديق العيون إليهم كلما أرادوا فيرون ما هم فيه من الهوان والذل والعذاب بعد العزة والنعيم نظر المستفهم ﴿هل ثوب﴾ بناه للمفعول لأن الملذذ مطلق مجازاتهم ﴿الكفار﴾ أي وقع تثويب العريقين في الكفر أي إعطاؤهم الثواب والجزاء على أنهى ما يكون، فالجملة في محل نصب " ينظرون " ﴿ما كانوا﴾ أي نفس فعلهم بما هو لهم كالجبلات ﴿يفعلون *﴾ أي بدواعيهم الفاسدة ورغباتهم المعلولة، فالجملة في موضع المفعول، وقد علم أن لهم الويل الذي افتتحت السورة بالتهديد به لمن يفعل فعل من لا يظن أنه يجازى على فعله، وآخرها فيمن انتقص الأعرض في خفاء، وأولها فيمن انتقص الأموال كذلك، وجفاء العدل والوفاء، والله الهادي للصواب، وإليه المرجع والمآب وإليه المتاب.
٣٦٦
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٦٤