[المطففين : ٣١]، لا يحزن أحدهم لذنب عمله ولا لقبيح ارتكبه، بل يسر بكونه يأتي له ذلك فهو يحاسب في الآخرة حساباً عسيراً، وينقلب إلى أعدائه مغموماً كسيراً، وقد بان أن الكلام من الاحتباك : ذكر الحساب اليسير الذي هو الثمرة والمسبب أولاً يدل على حذف ضده ثانياً، وذكر السرور في الأهل الذي هو السبب الثاني يدل على حذف ضده وهو سبب السعادة وهو الغم ومحاسبة النفس في الأول، فهو احتباك في احباك، ثم علل ثبات سروره فقال مؤكداً تنبيهاً أيضاً على أنه لا يصدق أن أحداً ينكر البعث مع ما له من الدلائل التي تفوت الحصر :﴿إنه ظن﴾ لضعف نظره ﴿أن﴾ أي أنه ﴿لن يحور *﴾ أي يرجع إلى ربه أو ينقص أو لهلك ﴿وقالوا ما هي إلا حياتنا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاّ الدهر﴾ [الجاثية : ٢٤] فلهذا كان يعمل عمل من لا يخاف عاقبة ﴿بلى﴾ ليرجعن صاغراً ناقصاً هالكاً، ثم علل ذلك بقوله مؤكداً لأجل من ينكر :﴿إن ربه﴾ أي الذي ابتدأه إنشاءه ورباه ﴿كان﴾ أزلاً وأبداً ﴿به﴾ أي هذا الشقي في إعادته كما كان في ابتدائه وفي جميع أعماله وأحواله التي لا يجوز في عدل عادل ترك الحساب عليها ﴿بصيراً *﴾ أي ناظراً له وعالماً به أبلغ نظر وأكمل علم، فتركه مهملاً مع العلم بأعماله مناف للحكمة والعدل والملك، فهو شيء لا يمكن في العقل بوجه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٧٠