ولما كان من تكذيبهم، وهو أعظم تكذيبهم، طعنهم في أعظم آيات القرآن بأن يقولوا : هو كذب مختلق، إنما هو أساطير الأولين، أي أكذوباتهم لا حقائق لا يخبر به مع أنه قد أقام الدليل الأعظم لنفسه بنفسه بما له من الإعجاز على أنه حق، قال معبراً بالضمير إيذاناً بأنه لعظمه في كل قلب لا غيبة له أصلاً، ليس لأحد حديث إلا فيه، بانياً على ما تقديره : ليس الأمر كما يزعم الكفار في القرآن :﴿بل هو﴾ أي جامع لكل منقبة جليلة بالغ الذروة العليا في كل شرف ﴿مجيد *﴾ أي شريف كريم ليس فيه شيء من شوائب الذم عزيز عظيم شريف عال جواد حسن الخلال وحيد في نظمه معانيه المغيبة والمشاهدة حاو لمجامع الحمد حسن الخلال وحيد في نظمه ومعانيه المغيبة والمشاهدة حاو لمجامع الحمد ليس بقول مخلوق ولا هو مخلوق بل هو صفة الخالق بل هو جواد بكل ما يراد منه من المحاسن لمن صدقت نيته وطهرت طويته، وعلت همته وكرمت سجيته، فهو يأبي له مجده أن يلم بساحته طعن بوجه من الوجوه، ومجده تجريب أحكامه من بين عاجل ما شهد وآخل ما علم بعالم ما شهد، فكان معلوماً بالتجربة المتيقنة بما تواتر من القصص الماضي وما شهد له من الأثر الحاضر وما يتجدد مع الأوقات من أمثاله وأشباهه وأشكاله، فكذب من قال إنه شعر أو كهانة أو سحر - أو غير ذلك من الأباطيل.
ولما وصفه في نفسه مما يأبي له لحاق شيء من شبهة، وصف محله في الملأ الأعلى إعلاماً بأنه لا يطرأ عليه ما يغيره فقال :﴿في لوح﴾ وهو كل صفيحة عريضة من خشب أو عظم أو غيرهما ﴿محفوظ *﴾ أي له الحفظ دائماً على أتم الوجوه من كل خلل ومن أن يصل إليه إلا الملائكة الكرام، قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى في كتاب الموت من الأحياء : يعبر عنه تارة باللوح، وتارة بالكتاب المبين، وتارة بإمام
٣٨٣


الصفحة التالية
Icon