فأفهم الخروج عن مقره بقوله :﴿من بين الصلب﴾ أي صلب الرجل وهو عظم مجتمع من عظام مفلكة أحكم ربطها غاية الإحكام من لدن الكاهل إلى عجب الذنب ﴿والترائب *﴾ أي ترائب المرأة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة، وصوبه ابن جرير، أو ما ولي الترقوتين منه، أو مابين الثديين والترقوتين أو أربعة أضلاع من يمنة الصدر، وأربعة من يسرته، أو اليدان والرجلان والعينان، وعلى كل تقدير شهوتها من أمامها وشهوة الرجل فيما غاب عنه من ورائه، ولو نزع الخاف لأفهم أن الماء يملأ البين المذكور ولم يفهم أنه يخرج عن صاحبي البين، قال البيضاوي : ولو صح أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء، ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند الأنثيين، فلا شك أن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها، ولذلك تشبهه ويسرع الإفراط في الجماع بالضعف فيه ولو خليفة وهو النخاع وهو في الصلب، وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر.
وقال الملوي : فالذي أخرجه من ظروف عظام الصلب والترائب إلى أن صيره في محله من الأنثيين إلى أن دفق واعتنى بعد ذلك بنقله من خلق إلى خلق بعد كل أربعين يوماً إلى أن صيره إنساناً يعقل ويتكلم ويبني القصور، ويهدم الصخور، قادر على بعثه.


الصفحة التالية
Icon