ولما كان هذا يحرك السامع غاية التحريك لأن يقول : معتى تكون رجعه له ؟ قال مجيباً له :﴿يوم تبلى﴾ وبناه للمفعول إشارة مع التنبيه على السهولة إلى أن من الأمر البين غاية البيان أن الذي يبلوها هو الذي يرجعها، وهو الله سبحانه وتعالى من غير احتياج إلى ذكره ﴿السرائر *﴾ أي كل ما انطوت عليه الصدور من العقائد والنيات، وأخفته الجوارح من الإخلال بالوضوء والغسل ونحو ذلك من جميع الجنايات، بأن تخالط السرائر في ذلك اليوم، وهو يوم القيامة، من الأمور الهائلة ما يميلها فيحيلها عما هي عليه فتعود جهراً بعد أن كانت سراً، فيميز طيبها من خبيثها ويجازى عليه صاحبه.
ولما كان المانع من جزائه عند إظهار سرائره إما هو نفسه أو أحد ينصره، قال مسبباً عن إظهار ما يجتهد في إخفائه :﴿فما له﴾ أي الإنسان الذي أخرجت سرائره، وأعرق في التعميم والنفي فقال :﴿من قوة﴾ أي يمنع بها نفسه من الجزاء ﴿ولا ناصر *﴾ أي ينصره فيمنعه من نفوذ الحكم فيه.
وليس الدفع إلا بهذين الأمرين : قوة قائمة به أو قوة خارجة عنه.


الصفحة التالية
Icon