ولما كان هذا معلماً بأنهم عدم لا اعتبار بهم، قال مسبباً عنه تهديداً لهم يا له من تهديد ما أصعبه :﴿فمهل﴾ أي تمهيلاً عظيماً بالتدريج.
ولما كان في المكذبين في علم الله من يؤمن فليس مستحقاً لإيقاع مثل هذا التهديد، عبر بالوصف المقتضي للرسوخ
٣٩١
فقال :﴿الكافرين﴾ أي فلا تدع عليهم ولا تستعجل لهم بالإهلاك، فإنا لا نعجل لأنه لا يعجل بالعقوبة إلا من يخاف الفوت، حكي أن الحجاج كان سجنه من رخام وأرضه من رصاص، فكان يتلون بتلون الأوقات، فوقت الحر جهنم، ووقت البرد زمهرير، فمر به يوماً فاستغاثوا فطأطأ رأسه لهم وقال : اخسؤوا فيها ولا تكلمون، فأخذت الأرض قوائم جواده فرفع طرفه إلى السماء وقال : سبحانك لا يعجل بالعقوبة إلا من يخاف الفوت، وانطلق من وقته، فإن العجلة - وهي - إيقاع الشيء في غير وقته الأليق به - نقص فإنه لا يعجل إلا من يكون ما يفعل المستعجل عليه خارجاً عن قبضته.


الصفحة التالية
Icon