ولما ثبت بهذا أن لهذا هذا الشقاء الأعظم، فكان التقدير : لأنه لم يزك نفسه لأنه ما كان مطبوعاً على الخشية، أنتج ولا بد قوله تعالى دالاً على الدين التكليفي وهو اجتناب واجتلاب، فجمع الاجتناب والاجتلاب بالتزكية بالتبتل بالأبواب والملازمة للأعتاب بامتثال الأمر واجتناب النهي بالمجاهدات المقربات إليه سبحانه وتعالى، المنجيات بعد ما حذر من المهلكات، للمسارعة في محابه ومراضيه اجتماعاً على العبادة الموصلة للخالق بعد حصول الكمال والتكميل فإنه لا بد في الحياة الطيبة بعد الانتماء إلى ذي الجاه العريض والاقتداء بمن لا يزلغ من الارتباط بطريقة مثلى يحصل بها الاغتباط ليصل بها إلى المقصود ويعمّر أوقاته بوظائفها لئلا يحصل له خلل ولا ضياع لنفائس الأوقات ولا غفلة يستهويه بها قطاع الطريق :﴿قد أفلح﴾ أي فاز بكل مراد ﴿من تزكّى *﴾ أي أعمل نفسه في تطهيرها من فاسد الاعتقادات والأخلاق والأقوال والأفعال والأموال وتنمية أعمالها القلبية والقالبية وصدقة أموالها، وذلك هو التسبيخ الذي أمر به أول السورة وما تأثر عنه، من عمل هذا فهو الأسعد.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٩٩
ولما كان أعظم الأعمال المزكية الذكر والصلاة قال تعالى :﴿وذكر﴾ أي بالقلب واللسان ذكر وذكر - بالكسر والضم ﴿اسم ربه﴾ أي صفات المحسن إليه فإنه إذا ذكر الصفة سر بها فأفاض باطنه على ظاهره ذكر اللفظ الدال عليها، وإذا ذكر اللفظ وهو الاسم الدال عليها انطبع في قلبه ذكر المسمى ﴿فصلّى *﴾ أي الصلاة الشرعية لأنها أعظم الذكر، فهي أعظم عبادات البدن كما أن الزكاة أعظم عبادات المال، ومن فعل ذلك استراح من داء الإعجاب وما يتبعه من النقائص الموجبة لسوء الانقلاب، وكان متخلقاً بما ذكر من أخلاق الله في أول السورة من التخلي عن النقائص بالتزيكة، والتحلي بالكمالات بالذكر والصلاة لأنه لعظمته لا يتأهل لذكره إلا من واظب إلى ذكر
٤٠٠