ولما كان ذلك عاماً خص من بينه تعظيماً لقدر هذه الموعظة أعظم الأنبياء الأقدمين، فقال مبدلاً مشيراً إلى الاستدلال بالتجربة :﴿صحف إبراهيم﴾ قدمه لأن صحفه أقرب إلى الوعظ كما نطق به حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه ﴿وموسى *﴾ ختم به لأن الغالب على كتابه الأحكام، والمواعظ فيه قليلة، ومنها الزواجر البليغة
٤٠٢
كاللعن لمن خالف أومر التوراة التي أعظمها البشارة بمحمد ﷺ، والإخبار بأنهم يخالفونها كما هو مذكور في أواخرها مع أن ذكر النبيين عليهما الصلاة والسلام على الأصل في ترتيب الوجود والأفضلية، وقد حث آخرها على التزكي وهوالتطهر من الأدناس الذي هو معنى التنهزه والتخلق بأخلاق الله بحسب الطاقة، وكان في إتيانه والتذكير به إعلام بأن الله تعالى لم يهمل الخلق من البيان بعد أن خلقهم لأنه لم يخلقهم سدى، لأن ذلك من العبث الذي هو من أكبر النقائص وهو سبحانه منزه عن جميع شوائب النقص - فقد رجع آخرها على أولها، وكان تنزيه الرب سبحانه وتعالى وتنزيه النفس أيضاً غاية معولها - والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب.
٤٠٣
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٩٩


الصفحة التالية
Icon