ولما كان العذاب لا يكون إلا على ما يكرهه المعذب، دل على ذلك وعلى أنه على أنهى مان يكون ببناء الفعل للمفعول في قراءة أبي عمرو ويعقوب وأبي بكر عن عاصم فقال :﴿تصلى﴾ أي يصليها مصل على أيسر وجه وأسهله بأمر من له الأمر بأن يغمسها قهراً على وجه الإحاطة بها، والمعنى على قراءة الجماعة بالبناء للفاعل : تدخل وتباشر بأن يدسها فيها أصحابها فيحيط بها من كل جانب وهو يدل على غاية الذل لأن من فعل بنفسه هذا لا يكون إلا كذلك ﴿ناراً حامية *﴾ متناهية في الحر لأنها عملت
٤٠٥
بالجهل على خلاف ما حده لها نبيها فأخلت بركن للعمل أو شرط لما استولى عليها من الغفلة التي أحاطت بها، فلم تدع لها موضعاً يصلح لدخول الرحمة منه.
ولما كان من في الحر أحوج شيء إلى ما يبرد باطنه، قال بانياً عند الكل للمفعول جرياً على قراءة أبي عمرو في الذي قبله :﴿تسقى﴾ أي يسقى كل من أذن له الملك في ذلك على أهون وجه وأيسره ﴿من عين آنية *﴾ أي بلغت غايتها في الحر فنضجت غاية النضج فصارت إذا قربوها منهم سقط لحم وجوههم، وإذا شربوا قطعت أمعاءهم مما شربوا في الدنيا من كاسات الهوى التي قطعوا باستلذاذهم لها قلوب الأولياء.