ولما كان ذلك قد يفعل عن ضرورة مع الكراهة قال ما هو صريح في المقصود :﴿ويحبون﴾ أي على سبيل الاستمرار ﴿المال﴾ أي هذا النوع من أي شيء كان، وأكده بالمصدر والوصف فقال :﴿حباً جماً *﴾ أي كثيراً مع حرص وشره، فصار قصارى أمرهم النظر الدنيوي، ولم يصرفوا أنفسهم عن حبه إلى ما دعا إليه العقل الذي يعقل النفس عن الهوى، والحجر الذي يحجرها عن الحظوظ، والنهية التي تنهاها عن الشهوات إلى الإقبال على الله.
ولما كان السياق هادياً إلى أن التقدير : يحسبون أن ذلك يوفر أموالهم ويحسن أحوالهم ويصلح بالهم، زجر عنه بمجامع الزجر فقال :﴿كلا﴾ أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر، ثم استأنف ذكر ما يوجب ندمهم وينبههم من رقدتهم ويعرفهم أن حب المال لا يقتضي نموه، ولو اقتضى نموه ما اقتضى إيجابه للسعادة فقال :﴿إذ دكت الأرض﴾ أي حصل دكها ورجها وزلزلتها لتسويتها فتكون كالأديم الممدود بشدة المط لا عوج فيها بوجه، وأشار بالبيناء للمفعول إلى سهولة ذلك لأن الأمر عظيم لعظمة
٤٢٠
الفاعل الحق، ولذلك قال :﴿دكاً دكاً *﴾ أي مكرراً بالتوزيع على كل موضع ناتٍ فيها، فيكون لكل جبل وأكمه وثنية وعقبة دك يخصه على حدته ليفيد ذلك أنه دك مبالغ فيه فتصير جبالها وأكمامها هباءً منثوراً ثم تستوي حتى لا يكون فيها شيء من عوج، وهو كناية عن زلازل عظيمة لا تحملها الجبال الرواسي فيكف بغيرها.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤١٩