ولما علم أن هذا الجزاء المذكور لا يكون إلا للهلوع الجزوع المضطرب النفس الطائش في حال السراء والضراء، الذي لا يكرم اليتيم ولا المسكين ويحب الدنيا، وكان من المعلوم أن من الناس من ليس هو كذلك، تشوفت النفس إلى جزائه فشفى عيّ هذا التشوف بقوله، إعلاماً بأنه يقال لنفوسهم عند النفخ في الصور وبعثربة ما في القبول للبعث والنشور :﴿يا أيتها النفس المطمئنة *﴾ أي التي هي في غاية السكون لا خوف عليها ولا حزن ولا نقص ولا غبون، لأنها كانت في الدنيا في غاية الثبات على كل ما أخبر به عن الدار الآخرة وغيرها من وعد ووعيد وتحذير وتهديد، فهم راجون لوعده خائفون من وعيده، وإذا كانت هذه حال النفس التي شأنها الميل إلى الدنيا فما ظنك بالروح التي تربية الموفقين، أو إلى بدنك حال كونك ﴿راضية﴾ أي بما تعطينه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٢١
فلا كدر يلحقك بوجه من الوجوه أصلاً كما كنت في دار القلق والاضطراب مطمئنة ساكنة تحت القضاء والقدر سالكة سبيل الرضا إن حصل ابتلاء بالتكريم والتنعيم أو التضييق والتغريم وثوقاً بما عند الله ﴿مرضية *﴾ عند الله وسائر خلقه، فلا شيء يكرهك بسبب ما كنت مطمئنة تعملين الأعمال الصالحة تحت القضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره، ثم بيّن ما أجمل من الرجوع فقال سبحانه :﴿فادخلي﴾ أي بسبب هذا الأمر ﴿في عبادي *﴾ أي
٤٢٣