علمها، قال مشييراً إلى الأولى التي هي العفة التي ثمرتها السخاء وإصلاح قوة الشهوة معبراً بالفك الذي هو أدنى ما يكون من العتق لأنه الإعانة فيه ولو بما قل كما ورد في حديث البراء رضي الله عنه "أعتق النسمة وفك الرقبة" أن تفرد بها، وفكها أن تعين في ثمنها، وفسر المراد بهذه العقبة بما دل على معادل لا كما يأتي تعيين تقديره فإنها لا تستعمل إلا مكررة قال :﴿فك﴾ أي الإنسان ﴿رقبة *﴾ أي من الأسر أو الظلم أو الغرم أو السقم شكراً لمن أولاه الخير وتنفيساً للكربة حباً للمعالي والمكارم لا رياء وسمعة كما فعل هذا الظان الضال ولا لطمع في جزاء ولا لخوف من عناء ﴿أو إطعام﴾ أي أوقع الإطعام لشيء له قابلية ذلك ﴿في يوم ذي مسغبة *﴾ أي جوع عام في مكان جوع وزمان جوع - بما أفهمه الوصف والصيغة، فكان لذلك يحمل على الضنة بالموجود خوفاً من مثل ما فيه المطعم فخالف النفس وآثر عليها اعتماداً على الله ﴿يتمياً﴾ أي إنساناً صغيراً لا أب له يرجى أو يخاف ﴿ذا مقربة *﴾ أي حاجة مقعدة له على التراب، لا يقدر على سواه، فالآية الاحتباك : ذكر القرب أولاً يدل على ضده ثانياً، وذكر المتربة ثانياً يدل على ضدها أولاً، وسر ذلك أنه ذكر في اليتيم القرب المعطف، وفي المسكين الوصف المرقق الملطف، فهو لا يقصد بإطعامه إلا سد فاقته، ودخل فيه اليتيم البيعد والفقير من باب الأولى وإن كان أجنبياً.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٢٨