ولما كان السياق للترهيب بما دلت عليه سورة البلد وتقديم الفجور هنا، وكان الترهيب أحث على الزكان، قال دالاًّ على خيبه المدسي ليعتبر به من سمع خبره لا سيما إن كان يعرف أثره :﴿كذبت ثمود﴾ أنث فعلهم لضعف أثر تكذيبهم لأن كل سامع له يعرف ظلمهم فيه لوضوح آيتهم وقبيح غايتهم، ومالهم بسفول الهمم وقباحة الشيم، وخصهم لأن آياتهم مع أنها كانت أوضح الآيات في نفسها هي أدلها على الساعة، وقريش وسائر العرب عارفون بهم لما يرون من آثارهم ويتناقلون من أخبارهم ﴿بطغواها *﴾ أي أوقعت التكذيب لرسولها بكل ما أتى به عن الله تعالى بسبب ما كان لنفوسهم نم وصف الطغيان، وهو مجاوزة القدر وارتفاعه والغلو في الكفر والإسراف في المعاصي والظلم، أو بما توعدوا به من العذاب العاجل وهي الطاغية التي أهلكوا بها، وطغى - واوي يائي يقال : طغى كدعا يطغو طغوى وطغواناً - بضمها كطغى يطغى، وطغي كرضي طغياناً - بالكسر والضم، فالطغوى - بالفتح اسم، وبالضم مصدر، فقلبت الياء - على تقدير كونه يائياً - واواً للتفرقة بين الاسم والصفة، واختير التعبير به دون اليائي لقوة الواو، فأفهم أنهم بلغوا النهاية في تكذيبهم، فكانوا على الغاية من سوء تعذبهم.
ولام ذكر تكذيبهم، دل عليه بقوله :﴿إذ﴾ أي تحقق تكذيبهم أو طغيانهم بالفعل حين ﴿انبعث أشقاها *﴾ أي أشد ثمود شقاء وهو عاقر الناقة للمشاركة في الكفر والزيادة بمباشرة العقر، وهو قدار بن سالف، أو هو ومن مالاه على عقرها، فإن أفعل التفضيل إذا أضيف صلح للواحد والجمع ﴿فقال لهم﴾ أي بسبب الانبعاث أو التكذيب الذي دل
٤٤٢


الصفحة التالية
Icon