﴿لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [يونس : ٦٤] ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾ [فصلت : ٣٠]
٤٥٤
فلم يبق في حق هؤلاء ذلك الإبهام، ولا كدر خواطرهم بتكاثف ذلك الإظلام، بما منحهم سبحانه وتعالى من نعمة الإحسان بما وعدهم في قوله :﴿يجعل لكم فرقاناً﴾ [الأنفال : ٢٩] و﴿يجعل لكم نوراً تمشون به﴾ [الحديد : ٢٨] ﴿أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها﴾ [الأنعام : ١٢٢] فعمل هؤلاء على بصيرة، واستولوا اجتهاداً بتوفيق ربهم على أعمال جليلة خطيرة، فقطعوا عن الدنيا الآمال، وتأهبوا لآخرتهم بأوضح الأعمال ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ [السجدة : ١٦] ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾ [السجدة : ١٧] فلابتداء الأمر وشدة الإبهام والإظلام أشار قوله سبحانه وتعالى :﴿والليل إذا يغشى﴾ ولما يؤول إليه الحال في حق من كتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه أشار قوله سبحانه وتعالى :﴿والنهار إذا تجلى﴾ ولانحصار السبل وإن تشعبت في طريقي ﴿فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ [التغابن : ٢] ﴿فريق في الجنة وفريق في السعي﴾ [الشورى : ٧] أشار قوله سبحانه وتعالى :﴿وما خلق الذكر والأنثى﴾ [الليل : ٣] ﴿ومن كل شيء خلقنا زوجين﴾ [الذاريات : ٤٩] ﴿ففروا إلى الله﴾ [الذاريات : ٥٠] الواحد مطلقاً، فقد وضح لك إن شاء الله بعض ما يسر من تخصيص هذا القسم - والله أعلم، أما سورة الضحى فلا إشكال في مناسبة في استفتاح القسم بالضحى لما يسره به سبحانه لا سيما إذا اعتبر ما ذكر من سبب نزول السورة، وأنه ﷺ كان قد فتر عنه الوحي حتى قال بعض الكفار : قلى محمداً ربه، فنزلت السورة مشعرة عن هذه النعمة والبشارة - انتهى.


الصفحة التالية
Icon