ولما كان نهيه عن الصلاة التي هي عماد الدين، وكانت الصلاة يعبر عنها بالسجود لأنه - مع أنه جزؤها - هو أشرفها، وهو أيضاً يطلق على مطلق العبادة، قال تعالى مشيراً إلى النصر له ﷺ ولأتباعه على كل من يمنعهم عبادته :﴿واسجد﴾ أي دم على صلاتك وخضوعك بنفسك وجدد ذلك في كل وقت.
ولما كان السجود أقرب مقرب للعبد إلى الله قال :﴿واقترب *﴾ أي اجتهد بسرك في بلوغ درجة القرب إلى ربك والتحبب إليه بكل عبادة لا سيما الصلاة فإنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وقد شرح هذا المقام كما تقدم في الفاتحة قوله ﷺ "أعوذ بعفوك من عقوبتك" فإن هذا الجملة أفادت - كما قال الإمام الغزالي في كتاب الشكر - مشاهدة أفعاله الله فقط، فكأنه لم ير إلا الله وأفعاله، فاستعاذ بفعله من فعله، قال : ثم اقترب ففني في مشاهدة الأحوال، وترقى إلى مصادر الأفعال، وهي الصفات، فقال :"أعوذ برضاك من سخطك" وهما صفتان، ثم رأى ذلك نقصاناً في التويحد فاقترب وترقى من مقام مشاهدة الصفات إلى مشاهدة
٤٨٨


الصفحة التالية
Icon