ولما عظمها، ذكر وجه العظم ليكون إعلاماً بعد إبهام وهو أوقع في النفس فقال مستأنفاً :﴿تنزل﴾ أي تنزلاً متدرجاً هو أصلاً على غاية ما يكون من الخفة والسرعة بما أشار إليه حذف التاء ﴿الملائكة﴾ أي هذ النوع العظيم الذي هو خير كله ﴿والروح﴾ أي جبريل عليه الصلاة والسلام، خصه بياناً لفضله أو هو مع أشراف الملائكة أو هو خلق أكبر من الملائكة أو هو أمر تسكن إليه نفوس العارفين ويحصل به اليمن والبركة ﴿فيها﴾ وأشار إلى خفاء ذلك ذلك التنزل بإسقاط تاء التنزل مع ما تقدم من الإشارات، ودل على زيادة البركة في ذلك التنزل وعظيم طاعة الملائكة بقوله :﴿بإذن ربهم﴾ أي بعلم المحسن إليهم المربي لهم وتمكينه، وتنزلهم إلى الأرض أو السماء الدنيا أو تقربهم من المؤمنين، متبدئ تنزلهم ﴿من كل أمر *﴾ أي الأمور الكلية التي يفرقون فيها بإذن الله تفاصيل الأمور التي يريدها سبحانه في ذلك العام في أوقاتها من تلك الليلة إلى مثلها من العام المقبل، أو من أجل تقدير كل شيء يكون في تلك السنة، وعبر عن الشيء بالأمر إعلاماً بأنهم لا يفعلون شيئاً إلاّ بأمره.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٠
ولما ذكر سبحانه هذه الفضائل، كانت النتيجة أنها متصفة بالسلامة التامة كاتصاف الجنة - التي هي سببها - بها، فكان ذلك أدل على عظمتها فقال تعالى :﴿سلام﴾ أي عظيم جداً ﴿هي﴾ أي ما هي إلا سلامة وخير ليس فيها شر، ولا يزال ذلك السلام
٤٩٢


الصفحة التالية
Icon