ولما أخبر تعالى بإخراج الأئقال التي منها الأموات، اشتد التشوف إلى هيئة ذلك الإخراج وما يتأثر عنه، فقال مكرراً ذكر اليوم زيادة في التهويل :﴿يومئذ﴾ أي إذ كان ما تقدم وهو حين يقوم الناس من القبور ﴿يصدر﴾ أي يرجع رجوعاً هو في غاية السرعة والاهتداء إلى الموضع الذي ينادون منه لا يغلط منهم فيه ولا يضل عنه ﴿الناس﴾ من قبورهم إلى ربهم الذي كان لهم بالمرصاد ليفصل بينهم ﴿أشتاتاً *﴾ أي متفرقين بحسب مراتبهم في الذوات والأحوال من مؤمن وكافر، وآمن وخائف، ومطيع وعاص.
ولما ذكر ذلك، أتبعه علته فقال بانياً للمفعول على طريقة كلام القادرين :﴿ليروا﴾ أي يرى الله المحسن منهم والمسيء بواسطة من يشاء من جنوده أو بغير واسطة حين يكلم سبحانه وتعالى كل أحد من غير ترجمان ولا واسطة كما أخبر بذلك رسوله ﷺ ﴿أعمالهم *﴾ فيعلموا جزاءها أو صادرين عن الموقف كل إلى داره ليرى جزاء عمله، ثم سبب عن ذلك قوله مفصلاً التي قبله :﴿فمن يعمل﴾ من محسن أو مسيء مسلم أو كافر ﴿مثقال﴾ أي مقدار وزن ﴿ذرة خيراً﴾ أي من جهة الخير ﴿يره *﴾ أي حاضراً لا يغيب عنه شيء منه لأن المحاسب له الإحاطة علماً وقدرة، فالكافر يوقف على أنه جوزي به في الدنيا أو أنه أحبط لبنائه على غير أساس الإيمان، فهو صورة بلا معنى ليشتد ندمه ويقوى حزنه وأسفه، والمؤمن يراه ليشتد سروره به.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٠٤
ولما ذكر الخير، أتبعه ضده فقال :﴿ومن يعمل﴾ أي كائناً من كان ﴿مثقال ذرة شراً﴾
٥٠٦