ولما ذكر العدو وما يتأثر عنه، ذكر نتيجته وغايته فقال :﴿فالمغيرات﴾ أي بإغارة أهلها عليها على العدو والإغارة والركض الشديد لإرادة القتل والنهب.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٠٨
ولما كانت الإغارة الكائن عنها الثبور والويل أروع ما تكون في أعقاب الليل قال :﴿صبحاً *﴾ أي ذات دخول في الصباح.
ولما كان الأعداء حال الإغارة يكون مختلفاً تارة يميناً وتارة شمالاً وتارة أماماً وتارة وراء بحسب الكر والفر في المصاولة والمحاولة تارة أثر الهارب، وأخرى في مصاولة المقبل المحارب، فينشأ عنها الغبار الكثير لإثارة الهواء له واصطدام بعضه ببعض لتعاكسه بقوة الدفع من قوائمها وما تحركه منه، وكان المقسم به منظوراً فيه إلى ذاته ونتيجة القسم منظوراً فيها إلى الفعل بادئ بدء مع قطع النظر بالأصالة عن الذات، عطف على اسم الفاعل بعد حله إلى أن وصلتها فقال :﴿فأثرن به﴾ أي بفعل الإغارة ومكانها وزمانها من شدة العدو ﴿نقعاً *﴾ أي غباراً مع الاعناق والصياح والزجر بالعنق حتى صار ذلك الغبار منحبكاً ومنعقداً عليها.
ولما كان المغير يتوسط الجمع عند اختلال حالهم فيفرق شملهم لأنهم متى افترقوا حصل فيهم الخلل، ومتى اختلفوا تخللهم العدو ففرق شملهم قال :﴿فوسطن به﴾ أي بذلك النقع أو الفعل والوقت والموضع ﴿جمعاً﴾ أي وهو المقصود بالإغارة، فدخلت في وسط ذلك الجمع لشجاعتها وقوتها وطواعيتها وشجاعة فرسانها.
ولما أقسم بالخيل التي هي أشرف الحيوان كما أن الإنسان المقسم لأجله أشرف ما اتصف منه بالبيان، وتجري به أفكاره كخيل الرهان، وتقدح المعاني تارة مقترنة
٥٠٩


الصفحة التالية
Icon