والمستقبل بالعزم على عدم العود إلى الذنب، فلا يقع فيها رجوع كما لا يعود الحليب إلى الضرع، فلا يؤذي أحد رسول الله ﷺ، فإن أذى رسوله من أذاه، قال القرطبي : النصوح مجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وغضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيئ الإخوان، وقال رويم الراعي : هي أن تكون لله وجهاً بلا قفا كما كانت له عند المعصية قفاء بلا وجه.
٥٣
ولما أمر بالتوبة عللها بما يفيد الإطماع من الإقامة بين الرجاء والخوف إعلاماً بأن هذا المقام هو المنجي لأنه اعتقاد الكمال له سبحانه وهو أن له أن يفعل ما يشاء في المطيع وغيره بقوله :﴿عسى ربكم﴾ أي افعلوا ذلك ليكون المحسن إليكم بهذا البيان جديراً أو حقيقاً ﴿أن يكفر﴾ أي يغطي تغطية عظيمة ﴿عنكم﴾ أي بالتوبة، وإذا كان التائب على خطر فما ظنك بالمصر على ذنوبه ﴿سيئاتكم﴾ أي ما بدا منكم ما يسوءه.
ولما ذكر نفع التوبة في دفع المضار، ذكر نفعها في جلب المسار فقال :﴿ويدخلكم﴾ أي يوم الفصل ﴿جنات﴾ أي بساتين كثيرة الأشجار تستر داخلها لأنها ﴿تجري﴾.
ولما كان ذلك الجري في بعض أرضها قال معبراً بأداة التبعيض :﴿من تحتها﴾ أي تحت غرقها وأشجارها ﴿الأنهار﴾ فهي لا تزال ريا.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٣
ولما ذكر الغفران والإكرام.


الصفحة التالية
Icon