ولما كان هذا حاله مع خلائق، أتبعه حاله مع الخالق إعلاماً بأن كلاًّ منهما دالّ على خراب القلب وموجب لمقت الرب، وأعظم الإهانة والكرب، وأن المعاصي شؤم مهلك، تنفيراً عنها وتحذيراً منها، فسبب عنه قوله معبراً بأعظم ما يدل على الإهانة :﴿فويل﴾ ولما كان الأصل : له - بالإضمار والإفراد، وكان المراد بـ " الذي " الجنس الصالح للواحد وما فوقه.
وكان من يستهين بالضعيف لضعفه يعرض عما لا يراه ولا يحسه لغيبته، وكان من أضاع الصلاة كان لما سواها أضيع، وكان من باشرها ربما ظن النجاة ولو كانت مباشرته لها على وجه الرياء أو غيره من الأمور المحيطة للعمل، عبر بالوصف تعميماً وتعليقاً للحكم به وشقه من الصلاة تحذيراً من الغرور، وإشارة إلى أن الذي أثمر له تلك الخساسة هو ما تقدم من الجري مع الطبع الرديء، وأتى بصيغة الجميع تنبيهاً على أن الكثرة ليست لها عنده عزة لأن إهانة الجمع مستلزم لإهانة الأفراد
٥٤٣
من غير عكس فقال :﴿للمصلين *﴾ ولما كان الحكم إنما هو على ذات الموضع من غير اعتبار لوصفه بالفعل علم أن المقصود إنما هو من كان مكلفاً بالصلاة لأن من كان متلبساً بها مثل قوله ﷺ :"لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" فلذلك وصفهم بقوله :﴿الذين هم﴾ أي بضمائرهم وخالص سرائرهم.


الصفحة التالية
Icon