ولما أتى بمظهر العظمة لتكثير العطاء فتسبب عنه الأمر بما للملك من العلو، وكان أمره ﷺ تكويناً لا إباء معه، وقع الالتفات إلى صفة الإحسان المقتضي للترغيب والإقبال لما يفيد من التحبيب، مع التصريح بالتوحيد، وإفادة أن العبادة لا تقع إلا شكر فقال تعالى :﴿لربك﴾ أي المحسن إليك بذلك سراً وعلناً مراغماً من شئت فلا سبيل
٥٤٨
لأحد عليك ﴿وانحر *﴾ أي أنفق له الكوثر من المال على المحاويج خلافاً لم يدعهم ويمنعهم الماعون لأن النحر أفضل نفقات العرب لأن الجزور الواحد يغني مائة مسكين، وإذا أطلق العرب المال انصرف إلا الإبل، ولذا عبر عن هذا المراد بالنحر ليفهم الزجر عما كانوا يفعلونه من الذبح للأوثان، ومن معناه أيضاً أظهر الذل والمسكنة والخشوع في الصلاة بوضع اليمنى على اليسرى تحت النحر هيئة الذليل الخاضع، وقد قابل في هذا أربعاً من سورة الدين بأربع، وهي البخل بالإعطاء، وإضاعة الصلاة بالأمر بها، والرياء بالتخصيص بالرب، ومنع الزكاة بالنحر.


الصفحة التالية
Icon