﴿أغير الله اتخذ ولياً﴾ [الأنعام : ١٤] ﴿أفغير الله ابتغي حكماً﴾ [الأنعام : ١١٤] ﴿أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيء﴾ [الأنعام : ١٦٤] إلى غير ذلك من الآيات، والفواصل والغايات، هذا ما يتعلق بمعاني تراكيبها ونظومها على ما هي عليه وتراتيبها وسياقاتها وأساليبها، وكلماتها الخطية سبع وعشرون إلى أربع كلمات البسملة إحد وثلاثون إلى أربعة ضمائر مستترة خمس وثلاثون إلى تسعة بارزة، فتلك أربع وأربعون كلمة الضمائر منها ثلاثة عشر هي مدة الإقامة بمكة المشرفة قبل الهجرة لأنها في الخفاء كالضمائر في خزائن السرائر، ولا سيما الأربعة الأول منها الموازية لضمائر الاستتار وغير الضمائر إحدى وثلاثون المناظر لها من السنين سنة إحدى وثلاثين، وهي سنة قتل يزدجرد ملك الفرس أكفر الكفرة من أهل ذلك الزمان وأعتاهم، وموافقة كلماتها في العدة لأحرف الكوثر مشيرة إلى أن
٥٥٧
اليسير من أتباعه ﷺ أكثروا وأكبر من كثير شانئيه وأضداده وحاسديه، وقد دل على ذلك شاهد الوجوه في ويم الفتح والمسلمون عشرة آلاف، والكفار من قريش ومن حولهم لا يحصون كثرة، وقد كان فعلهم في ذلك اليوم ما شهد به اعتذار حماس الذي كان يعد امرأته أن يخدمها بعض المسلمين في قوله وقد فر هارباً ولم يستطع أن يغلق وراءه، بل قال لها : أغلقي بابي، فقالت له : أين ما كانت تعدني به ؟ فقال :
إنك لو شهدت يوم الخندمه إذ فر صفوان وفر عكرمه واستقبلتهم بالسيوف المسلمه يقطعن كل ساعد وجمجمه ضرباً فلا يسمع إلا غمغمه بهم تهيب خلفنا وهمهمهلم تنطقي باللوم أدنى كلمه
هذا مع أن النبي ﷺ كان أوصاهم ألا يقاتلوا إلا من بدأهم بالقتال.
وهذا مع ما كان من أهل الإسلام حين قصدهم الكفار يوم الخندق والمشركون في عشرة آلاف وهم لا يبلغون ربعهم ولا مدد لهم ممن حولهم ولا ناصر إلا الله، بل جاءتهم الأعداء - كما قال الله تعالى :﴿من فوقهم ومن أسفل منهم﴾ ﴿الأحزاب : ١٠] {وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً﴾ [الأحزاب : ٢٢] وإلى هذا أيضاً أشار بلوغ عدد كلمات النصر خطيها واصطلاحيها ظاهرها ومستترها إلى عدد كلمات الكافرون الخطية، فلك رمز إلى أن أضعف أهل الإسلام لا يضعف عن مقاومة أهل الكفر وأرسخهم في كل صفة يريدها - والله هو الموفق.
٥٥٨
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٥٤