بموت النبي ﷺ دلت بمفردات كلماتها على انقضاء خلافة النبوة لتمام ثلاثين سنة كما قال النبي ﷺ فيما رواه أبو داود والترمذي ولانسائي وابن حبان في صحيحه عن سفينة مولى النبي ﷺ ورضى عنه "خلافة النبوة ثلاثون، ثم يؤتي الله الملك من يشاء" وذلك أنك إذا عددت
٥٦٤
كلماتها مع البسملة كانت باعتبار الرسم ثلاثاً وعشرين كلمة، وذلك مشيراً إلى انقضاء الخلافة التي لم تكن قط خلافة مثلها، وهي خلافة الفاروق وهي خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه باستشهاده في ذي الحجة سنة ثلاثة وعشرين من الهجرة، فإذا ضممت إلى ذلك الضمائر البارزة وهي خمسة، والمستترة وهي ثلاثة، فكانت أحداً وثلاثين، وحسبت من حين نزول السورة على النبي ﷺ في ذي الحجة سنة عشر كان ذلك مشيراً إلى انقضاء خلافة النبوة كلها بإصلاح أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما في شهر ربيع الأول سنة إحدة وأربعين، وذلك عند مضي ثلاثين سنة من موت النبي ﷺ في شهر ربيع الأول سنة عشر من الهجرة لا تزيد شهراً ولا تنقصه، وإن أخذت الضمائر وحدها بارزها ومستترها دلت على فتح مكة المشرفة بعينه، فإنها - كما مضى - ثمانية وقد كان الفتح سنة ثمان من الهجرة، ومن لطائف الأسرار وبدائع الأنظار أنها تدل على السنين بحسب التفصيل، فالبارز يدل على سنة النصر والظهور على قريش لأنهم القصودون بالذات لأن العرب لهم تبع، والمستتر يدل على ذلك، وشرح هذا أنه لما كانت قد خففت في السنة الأولة من الهجرة رايات الإسلام في كل وجه، وانتشرت أسده في كل صوب، وانبثت سراياه في كل قطر، أشار إليها التاء في ﴿ورأيت﴾ التي هي ضميره ﷺ إشارة إلى ما يختص بفهمه من البشارة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٥٩


الصفحة التالية
Icon