ولما كان التقدير : فكان ما أردنا، فحملت من غير ذكر ولدت عيسى عليه الصلاة والسلام الذي كان من كلمتنا وهي " احملي " ثم كلمتنا " كن يا حمل من غير ذكر " ثم كلمتنا " لديه يا مريم من غير مساعد " ثم كلمتنا " تكلم عيسى في المهد بالحكمة " عطف عليه قوله :﴿وصدقت﴾ فاستحقت لذلك أن تسمى صديقة ﴿بكلمات ربها﴾ أي المحسن إليها بما تقدم وغيره مما كان من كلام جبريل عليه الصلاة والسلام بسببه ومن عيسى عليه الصلاة والسلام ومما تكلم به عن الله سبحانه وتعالى ﴿وكتبه﴾ أي وكتابه
٦٠
الضابط الجامع لكلامه أنزل على ولدها وغيره من كتب الله كما دل على ذلك قراءة البصريين وحفص بالجمع.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٨
ولما كان المصدق ربما كان تصديقه في الظاهر أو مشوباً بشيء من الضمائر قال :﴿وكانت﴾ أي جبلة وطبعاً، وشرفها بأن جعلها في رتبة الأكمل وهم الرجال فقال :﴿من القانتين *﴾ أي المخلصين الذي هم في غاية القوة والكمال لأنها كانت من بنات الأحباب المصطفين على العالمين، فلم تكن عبادتها تقصر عن عبادة الأقوياء الكلمة، وقد أتم سبحانه الأمثال في الآداب بالثيبات والأبكار والأخيار والأشرار، فانعطف آخر السورة على أولها في المعاني بالآداب، وزاد ذلك حسناً كونها في النساء وفي الذوات والأعيان بزواج النبي ﷺ لآسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران في الجنة دار القرار السالمة عن الأكدار الزواج الأبدي فصار أول السورة وآخرها في أزواجه ﷺ وفي ختامها السالمة عن الأكدار الزواج الأبدي فصار أول اسروة وآخرها في أزواجه ﷺ وفي ختامها بالقنوت الذي هو خلاصة الأوصاف الماضية في البدال المذكورات أعظم مناسبة - والله الهادي.
٦١
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٨


الصفحة التالية
Icon