والواحد من العدد في الحساب ليس قبله شيء، بل هو قبل كل عدد وهو خارج عن العدد، والواحد كيفما أدرته لم يزد فيه شيء ولم ينقص منه شيء، تقول : واحد في واحد بواحد - فلم يزد على الواحد شيء، فإذا دل على أنه محدث الشيء دل على أنه مغني الشيء، وإذا كان مغني الشيء دل على أنه لا شيء بعده، فإذا لم يكن قبله شيء ولا بعده شيء فهو المتوحد بالأزل، يعني فهو الواحد الذي لا نظير له فهو الأحد، قال : فلذلك قيل : هو واحد وأحد، وقلنا : إن الأحد هو اسم أكمل - أي أعم - من الواحد، ألا ترى أنك إذا قلت : فلان لا يقوم له واحد، جاز في المعنى أن يقوم له اثنان أو ثلاثة فما فوقها، وإذا قلت : فلا لا يقوم له أحد، فقد جزمت بأنه لا يقوم له واحد ولا اثنان ولا ما فوقهما، فصار الأحد أكمل من الواحد، وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد، تقول : ليس في الدار واحد، يجوز أن يكون واحداً من الدواب أو الطير أو الوحش أو الإنس، فكان الواحد يعم الناس وغير الناس، وإذا قلت : ليس في الدار أحد، فهو مخصوص للآدميين دون سائرهم، والأحد ممتنع من الدخول في الضرب وفي العدد وفي القسمة وفي شيء من الحساب، وهو منفرد بالأحدية، والواحد منقاد للعدد والقسمة وغيرها داخل في الحساب، تقول : واحد واثنان وثلاثة، فهذا وإن لم يكن من العدد فهو علة العدد، وداخل في العدد، لأنك إذا ضربت واحداً في واحد لم يزد، واثنان هو جذر الحساب، وتقول في القسمة، واحد بين اثنين أو ثلاثة، لكل واحد من الاثنين نصف، ومن الثلاثة ثلث، فهذه القسمة، والأحد ممتنع من هذا، لا يقال : أحد واثنان ولا أحد في أحد ولا أحد في واحد ولا في اثنين أو ثلاثة، والواحد وإن لم يتجزأ من الواحد فهو يتجزأ من الاثنين والثلاثة فما فوقهما، تقول : جزء واحد من جزأين أو ثلاث فما فوقها، ولا يجوز : جزء أحد من جزأين فمنا فوقهما، وقد سمى الله نفسه واحداً أحداً ووصف نفسه بالوحدانية والأحدية، فالواحد نعت يلزمه على الحقيقة لأنه كان


الصفحة التالية
Icon