أقسامه الأربعة بمتشابه خلق عيسى عليه الصلاة والسلام - كما تقدم عند ﴿إن الله اصطفى﴾ [آل عمران : ٣٣] في آل عمران المناظرة لهذه السورة، لذلك فتح الأمر بعد أم الكتاب بمتشابهاً من جميع وجوهه، لا يمكن أحداً أن يقول فيه قولاً مقطوعاً به أو مظنوناً ظناً راجحاً، ومتشابه آخره لا يقنع فيه بدون القطع في أوله فيما كلفنا أمره في هذه الدار وهو أوصل الدين، ووراء ذلك ما لا يدركه أحد من الأبرار ولا المقربين،
٥٩٦
وهو الذات الأقدس، فمن رجع متشابه الخلق فوق منزلته كفر، ومن وضع متشابه الأمر عن رتبته العلية كفر، وجعل آخره أجلى من أوله من بعض الوجوه إشارة إلى ترقية الموفق في أمره، وأنه في الآخرة يكون أجلى انكشافاً وأوضح معرفة، وتلاه بالتعوذ إشارة إلى سؤال الاعتصام في شأنه، والحفظ التام في مضمار عرفانه، وكرر بالتثنية لأجل الإحاطة بأمري الظاهر والباطن، والتأكيد تنبيهاً على صعوبة المرام، وخطر المقام.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٧٧