ولما كان المتصرف في الملك قد لا يكون قدرته تامة ولا عامة قال تعالى :﴿وهو﴾ أي وحده له عظمتة تستولي على القلوب وسياسة تعم كل جلب نفع ودفع ضرر لأنه ﴿على كل شيء﴾ أي يمكن يشاؤه من الملك وغيره من باطنه وهو الملكوت وغيره مما وجد وما لم يوجد ﴿قدير *﴾ أي تام القدرة، ودل على ذلك بقوله :﴿الذي خلق﴾ أي قدر وأوجد.
ولما كان الخوف نم إيقاع المؤلم ادعى إلى الخضوع لأنه أدل على الملك مع أن الأصل في الأشياء العدم، قدم قوله :﴿الموت﴾ أي هذا الجنس وهو زوال الحياة عن الحي الذي هو في غاية الاقتدار على التقلب بجعله جماداً كأن لم يكن به حركة أصلاً.
أول ما يفعل في تلك الدار بعد استقرار كل فريق في جاره وأن يعدم هذا الجنس فيذبح بعد أن يصور في صورة كبش ﴿والحياة﴾ أي هذا الجنس وهو المعنى الذي يقدر الجماد به على التقلب بنفسه وبالإرادة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : الموت خلقه الله على صورة كبش أملح لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات، والحياة على صورة فرس بلقاء وهي التي كان جبريل والأنبياء يركبونها فلا يجد ريحها شيء إلا حيي، وهي التي أخذ السامري قبضة من أثرها وألقاه على الحي الذي ألقاه بنو إسرائيل ونوى أن يكون عجلاً فصار عجلاً.