والله الموفق، وكونها خمسة عشرة كلمة إشارة إلى أنهم في السنة الخامسة عشرة من النبوة يعلمون - بغلبة قهره وسطوة سلطانه وتأييده للمستضعفين من حزبه،
٥٩٧
وتقويته لهم في وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة - أن مرسله لا كفوء له بعلم شهودي لا يقدر أحد على تكذيبه ودفعه، فيقوم به دليل الإخلاص، ولات حين مناص، وإذا ضممت إليها الضمير الواجب الاستتار في ﴿قل﴾ كانت ست عشرة إشارة إلى أنه في السنة السادسة عشرة من النبوة وهي الثالثة من الهجرة في غزوة أحد يكون الظاهر فيها اسمه تعالى الباطن، فإنه كان فيها من المصيبة ما هو مذكرو في السير تفصيله من قتل سبعين من الصحابه رضي الله تعالى عنهم منهم حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه عم رسول الله ﷺ وأسد رسوله ﷺ، وذلك بعد أن ظهر فيها النبي ﷺ في أول النهار، ظهوراً بيناً حتى كانت هزيمة الكفار، لا شك فيها - كما قال الله تعالى
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٧٧
﴿ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم﴾ [آل عمران : ١٥٢] - الآيات، ثم أخفى الله ذلك في إزالة الكفار في أثناء النهار، فهزم الصحابة رضي الله تعالى عنهم حتى لم يبق مع النبي ﷺ منهم إلا نفر يسير جداً أكثر ما ورد في عددهم أنهم يقاربون الأربعين وهو ثابت بهم - ﷺ - في نحر العدو وهم نحو من ثلاثة آلاف فيهم مائتا فارس يحاولهم ويصاولهم يشتملون عليه مرة ويفترقون عنه أخرى ليعلم أن الناصر إنما هو الله سبحانه وتعالى وحده، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما نصر النبي ﷺ في موطن من المواطن ما نصر في غزوة أحد، وقال أبو سفيان ابن حرب يوم إسلامه في عام الفتح للنبي ﷺ : ما قاتلتك من مرة إلا ظهرت عليّ، أظن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئاً.


الصفحة التالية
Icon