والملك هو الآمر الناهي المعز المذل - إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى العظمة والجلال، وأما الإله فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال، فيدخل فيه جميع الأسماء الحسنى، فلتضمنها جميع معاني الأسماء كان المستعيذ جديراً بأن يعوذ، وقد وقع ترتيبها على الوجه الأكل الدال على الواحدانية، لأن من رأى ما عليه من النعم الظاهرة والباطنة، علم أن له مربياً، فإذا تغلغل في العروج في درج معارفه سبحانه وتعالى علم أنه غني عن الكل، والكل إليه محتاج، وعن أمره تجري أمورهم، فيعلم أنه ملكهم، ثم يعلم بانفراد بتدبيرهم بعد إبداعهم أنه المستحق للإلهية بلا مشارك له فيها، فقد أجمع القراء في هذه السورة على إسقاط الألف من ﴿ملك﴾ بخلاف الفاتحة كما مضى لأن الملك إذا أضيف إلى ﴿اليوم﴾ أفهم اختصاصه بجميع ما فيه من جوهر وعرض، وأنه لا أمر لأحد معه ولا مشاركة في شيء من ذلك، وهو معنى الملك - بالضم، وأما إضافة المالك إلى الناس فإنها تستلزم أن يكون ملكهم، فلو قرائ به هنا لنقص المعنى، وأطبقوا في آل عمران على إثبات الألف في المضاف وحذفها من المضاف إليه لأن المقصود بالسياق أنه سبحانه وتعالى يعطي الملك من يشاء ويمنعه من يشاء، والملك - بكسر الميم - أليق بهذا المعنى، وأسرار كلام الله سبحانه وتعالى أعظم من أن تحيط بها العقول، وإنما غاية أولي العلم الاستدلال بما ظهر منها على ما وراءه، وأن بادية إلى الخافي يشير.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦١١