الاستشارة لمن يثق بدينه وعقله، ثم الاستخارة لاحتمال أن تتوافق عليه العقول، ويكون فيه خلل لتقصير وقع في النظر، وقد جعل بعضهم قانون الخاطر الرحماني أن ينشرح له الصدر ويطمئن إليه النفس، والشيطاني والنفسي ان ينقبض عنده الصدر وتقلق النسف بشهادة الحديث النبوي في البر والإثم، ويعرف الشيطاني بالحمل على مطلق المخالفة، فإن الشيطان لا غرض له في مخالفة بعينها، فإن حصل اذكر زال ذلك، والنفساني ملزوم شيء بعينه سواء كان نفعاً أو ضراً، ولا ينصرف عنه بالذكر، وقد يكون الشيطان إنسياً من أزواج وأولاد ومعارف، وربما كان أضر من شيطان الجن، فدواؤه المقاطعة والمجانبة بحسب القدرة، ومن أراد قانوناً عظيماً لمن يصاحب ومن يجانب فعليه بآية الكهف ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من إفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً﴾ [الكهف : ٢٨] وكما رجع مقطعها على مطلعها كذلك كان من المناسبات العظيمة مناسبة معناها للفاتحة ليرجع مقطع القرآن على مطلعه، ويلتحم مبدؤه بمرجعه على أحسن وجه، كما تقدم بيان ذلك من سورة قريش إلى هنا سورة سورة، فنظر هذه السورة إلى الفاتحة والتحامها بها من جهة أن الفاتحة اشتملت على ثلاثة أسماء : الله والرب والملك، وزادت بكونها أم القرآن بالرحمن الرحمي، لاشتمالهما على جميع النعم الظاهرة والباطنة التي تضمنتها صفة الربوبية، وسورة الناس على الرب والملك والإله الذي هو الأصل في اسم الجلالة، واختصت الفاتحة بالاسم الذي لم يقع فيه شركة أصلاً، فلما تقرر في جميع القرآن أنه الإله الحق، وأنه لا شركة لغيره في الإلهية يحق بوجه من الوجوه كما أنه لا شركة في الاسم الأعظم الذي افتتح به القرآن أصلاً بحق ولا بباطل، ختم القرآن الكريم به معبراً عنه بالغله لوضوح الأمر وانتفاء اللبس بالكلية، وصار الاختتام مما كان به الافتتاح على الوجه


الصفحة التالية
Icon