" صفحة رقم ١٣١ "
فلما احتمل الوجهين نظرنا فوجدنا النبي ( ﷺ ) صلى بفاتحة الكتاب وأمر بها [ وشدد على ] من تركها فصار هذا الخبر مجملا والأخبار التي رويناها مفسرة والمجمل يدل على المفسر وهذا كقوله :) فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ( ثم لم يجز أحد [ ترك الهدي ] بل ثبتها رسول الله ( ﷺ ) بالصفة أن لا يكون أعور ولا أعرج ولا معيوبا فكذلك أراد بقوله عز وجل وقول رسول الله ( ﷺ ) ما فسر بالصفة التي بينها أن تكون سورة الحمد إذا أحسنها وقدرها إذا لم يحسنها. فبالعلة التي أوجبوا قراءة آية تامة مع قوله :( ( ما تيسر ) ) له وجه ظاهرة العلم والله أعلم.
ذكر وجوب قراءتها على المأموم كوجوبها على الإمام واختلاف الفقهاء فيه :
قال مالك بن أنس : يجب عليه قراءتها إذا خافت الإمام فأما إذا جهر فليس عليه [ شيء ]. وبه قال الشافعي في القديم وقال في الجديد : يلزمه القراءة أسر الإمام أو جهر. وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يلزمه القراءة خافت أو جهر.
واتفق المسلمون على أن صلاته [ صحيحة ] إذا قرأ خلف الإمام.
والدليل على وجوب القراءة على المأموم كوجوبها على الإمام ما أخبرنا عبد الله بن حامد أخبرنا مكي بن عبد الله حدثنا أبو الأزهر حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن أبي إسحاق حدثنا مكحول وأخبرنا عبد الله أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن سهل حدثنا سهل بن عمار حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود ابن الربيع عن عبادة ابن الصامت قال : صلى بنا رسول الله ( ﷺ ) صلاة الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف رسول الله ( ﷺ ) من صلاته أقبل علينا بوجهه وقال :( ( إني لأراكم تقرؤون خلفي ؟ ) ). قلنا : أجل والله يا رسول الله هذا. قال :( ( فلا تفعلوا إلا بأم الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ) ).
وهو قول عمر وعثمان وعلي وابن عباس وجابر وابن مسعود وعمران بن حصين وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت وهشام بن عامر ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وعبد الله بن عمر وأبي الدرداء وعائشة وأبي هريرة وجماعة كبيرة من التابعين وأئمة المسلمين روي عنهم جميعا أنهم رأوا القرأءة خلف الإمام واجبة.