" صفحة رقم ١٣٨ "
فعبر بلفظه ( ( خطي ) ) عن جملة حروف أبجد.
ويقول القائل :( أ ب ت ث ) وهو لا يريد هذه الأربعة الأحرف دون غيرها بل يريد جميعها وقرأت الحمد لله وهو يريد جميع السورة ونحوها كثير وكذلك عبر الله بهذه الحروف عن جملة حروف التهجي والإشارة فيه أن الله تعالى نبه العرب وتحداهم فقال : إني قد نزلت هذا الكتاب من جملة الثمانية والعشرين التي هي لغتكم ولسانكم وعليها مباني كلامكم فإن كان محمد هو النبي يقوله من تلقاء نفسه فأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة مثله فلما عجزوا عن ذلك بعد الإجهاد ثبت أنه معجزة.
هذا قول المبرد وجماعة من أهل المعاني فإن قيل : فهل يكون حرفا واحدا عودا للمعنى ؟ وهل تجدون في كلام العرب أن يقال : الم زيد قائم ؟ وحم عمرو ذاهب ؟ قلنا : نعم هذا عادة العرب يشيرون بلفظ واحد إلى جميع الحروف ويعبرون به عنه.
قال الراجز : قلت لها قفي فقالت قاف
لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف ) ^
أي قف أنت.
وأنشد سيبويه لغيلان :
نادوهم ألا الجموا ألا تا قالوا جميعا كلهم ألا فا
أي لا تركبون فقالوا : ألا فاركبوا.
وأنشد قطرب في جارية :
قد وعدتني أم عمرو أن تا تدهن رأسي وتفليني تا
أراد أن تأتي وتمسح
وأنشد الزجاج :
بالخير خيرات وإن شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تا
أراد بقوله ( فا ) : وإن شرا فشر له وبقوله : تا إلا أن تشاء.
قال الأخفش : هذه الحروف ساكنة لأن حروف الهجاء لا تعرب بل توقف على كل حرف على نية السكت ولابد أن تفصل بالعدد في قولهم واحد - اثنان - ثلاثة - أربعة.


الصفحة التالية
Icon