" صفحة رقم ١٥٥ "
) قالوا أنؤمن كما آمن السُّفهاء ( الجهّال. قال الله :) ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ( بأنهم كذلك، وقيل : لا يؤدون العلم حقّه، وقال المؤرّخ : السفيه : البهّات الكذّاب المتعمّد لخلاف ما يعلم.
قُطْرُب : السفيه : العجول الظلوم يعمل خلاف الحق.
واختلف القرّاء في قوله :) السُّفهاء ألا ( فحقّق بعضهم الهمزتين، وهو مذهب أهل الكوفة ولغة تميم.
وأما أبو عمرو وأهل الحجاز فإنّهم همزوا الأولى وليّنوا الثانية ؛ طلباً للخفّة، واختار الفرّاء حذف الأولى وهمز الثانية، واحتج بأن ما يستأنف أي بالهمزة مما يسكت عليه.
البقرة :( ١٤ ) وإذا لقوا الذين.....
) وإذا لقوا الذين آمنوا (.
قال جويبر عن الضحّاك عن ابن عباس قال : كان عبد الله بن أُبيّ بن سلول الخزرجي عظيم المنافقين من رهط سعد بن عبادة، وكان إذا لقى سعداً قال : نعم الدينُ دين محمد، وكان إذا رجع إلى رؤساء قومه. قالوا : هل نكفر ؟ قال : سدّوا أيديكم بدين آبائكم. فأنزل الله هذه الآية.
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبدالله بن أُبيّ محتجاً به، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فقال : عبدالله بن أُبيّ لأصحابه : أنظروا كيف أدرأ هؤلاء السُّفهاء عنكم. فذهب وأخذ بيد أبي بكر فقال : مرحباً بالصّدّيق سيّد بني تيم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله ( ﷺ ) في الغار، والباذل نفسه وماله له. ثمَّ أخذ بيد عمر فقال : مرحباً بسيّد بني عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله، ثمَّ أخذ بيد علي فقال : مرحباً بابن عم رسول الله وختنه سيّد بني هاشم ما خلا رسول الله ( ﷺ ) فقال علي : كف لله واتق الله ولا تنافق، فإنّ المنافقين شر خليقة الله، فقال له عبدالله : مهلا أبا الحسن إليّ تقول هذا، ) ^ والله إنّ إيماننا كإيمانكم وتصدّيقنا كتصديقكم ثمَّ افترقوا، فقال عبدالله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلتُ، فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت. فأثنوا عليه خيراً، وقالوا : لانزال معك ما عشت، فرجع المسلمون إلى النبي ( ﷺ ) وأخبروه بذلك، فأنزل الله ) وإذا لقوا ( أي رأوا، يعني المنافقين عبد الله بن أُبي وأصحابه، كان ( لَقوا ) في الأصل ( لُقيوا ) فإستثقلت الضمة على الياء فبسطت على القاف وسكنت الواو والياء ساكنة فحذفت لإجتماعهما.
وقرأ محمد بن السميقع : وإذا لاقوا وهما بمعنى واحد.
) الذين آمنوا ( : يعني أبا بكر وأصحابه ) قالوا آمنا ( كأيمانكم. ) وإذا خلوا ( رجعوا، ويجوز أن تكون من الخلوة، تقول : خلوتُ به وخلوتُ إليه، وخلوتُ معهُ، كلها بمعنى واحد


الصفحة التالية
Icon