" صفحة رقم ١٥٨ "
النار ويضحك المؤمنون منهم، فذلك قوله :) إنّ الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ( إلى قوله :) فاليوم الذين آمنوا من الكفّار يضحكون (.
الأعمش عن خيثمة عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( يؤمر بناس من الناس إلى الجنة، حتى إذا دنوا منها ووجدوا رائحتها ونظروا إلى ما أعدَّ الله فيها لأهلها من الكرامة، نودوا : أن اصرفوهم عنها. قال : ويرجعون بحسرة وندامة لم يرجع الخلائق بمثلها. فيقولون : يا ربّنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا كان أهون علينا. فيقول الله جل جلاله : هذه الذي أردت بكم هبتم الناس ولم تهابوني وأجللتم الناس ولم تجلّوني وكنتم تراؤون الناس بأعمالكم خلاف ما كنتم ترونني من قلوبكم. فاليوم أُذيقكم من عذابي مع ما حرمتكم من ثوابي ).
وقيل : هو خذلانه إياهم وحرمانهم التوفيق والهداية. ) ^
وهو قوله فيما بعد :) ويمدهم ( يتركهم، ويمهلهم ويُطيل لهم، وأصله : الزيادة، ويُقال : مدّ النهر، ومدّة : زمن آخر.
وقرأ ابن محيصن وشبل :) ويمدهم ( بضم الياء وكسر الميم وهما لغتان بمعنى واحد ؛ لأنّ المد أكثر ما يأتي في الشر والإمداد في الخير. قال الله عزّ وجلّ في المد :) ونمدّ له من العذاب مدّا (، وقال في الإمداد :) وأمددناكم بأموال وبنين ( وقال :) أيحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنين (، وقال :) ويمددكم بأموال وبنين ( ) في طغيانهم ( كفرهم وضلالتهم وجهالتهم، وأصل الطغيان : مجاوزة القدر، يُقال : ميزان فيه طغيان، أي مجاوزة للقدر في الإستواء. قال الله تعالى :) إنّا لما طغى الماء ( أي جاوز حدّه الذي قدّر له، وقال لفرعون :) إنّه طغى ( أي أسرف في الدعوى حينما قال :) أنا ربكم الأعلى ( ) يعمهون ( يمضون، يترددون في الضلالة متحيرين.
يُقال : عمه يعمه عمهاً وعموهاً، وعمها فهو عمه، وعامه : إذا كان جائراً عن الحق. قال رؤبة :
ومَهْمَه أَطْرَافُهُ في مَهْمَه
أعمى الهُدى بالجاهلين العُمَّه


الصفحة التالية
Icon