" صفحة رقم ١٦١ "
وقال مجاهد : إضاءة النار : إقبالهم إلى المسلمين والهدى، وذهاب نورهم : إقبالهم إلى المشركين والضّلالة.
سعيد بن جبير ومحمد بن كعب وعطاء، ويمان بن رئاب : نزلت في اليهود وانتظارهم خروج النبي ( ﷺ ) وإيمانهم به واستفتاحهم به على مشركي العرب، فلمّا خرج كفروا به، وذلك بأنّ قريظة والنضير وبنو قينقاع قدموا من الشام إلى يثرب حتى إنقطعت النبوة من بني اسرائيل وافضت إلى العرب، فدخلوا المدينة يشهدون لمحمد ( ﷺ ) بالنبوة وأنّ أمّته خير الأمم وكان يغشاهم رجل من بني إسرائيل يقال له : عبدالله بن هيبان قبل أن يوحي إلى رسول الله ( ﷺ ) كلّ سنة فيعظهم على طاعة الله تعالى وإقامة التوراة والإيمان بمحمد ( ﷺ ) رسول إذا خرج : فلا تفرّقوا عنه وانصروه وقد كنت أطمع أن أدركه، ثمّ مات قبل خروج النبي ( ﷺ ) فقبلوا منه، ثم لمّا خرج رسول الله ( ﷺ ) كفروا به فضرب الله لهم هذا المثل.
وقال الضحاك : لمّا أضاءت النار أرسل الله عليه ريحاً قاصفاً فأطفأها، فكذلك اليهود كلمّا أوقدوا ناراً لحرب محمد ( ﷺ ) أطفأها الله.
البقرة :( ١٨ ) صم بكم عمي.....
ثم وصفهم جميعاً فقال :) صمٌّ ( : أي هم صمٌّ عن الهدى فلا يسمعون.
) بكمٌ ( : عنه فلا يقولون.
) عميٌ ( : عنه فلا يرونه.
وقيل :) صمٌّ ( يتصاممون عن سماع الحقّ، ) بكمٌ ( يتباكمون عن قول الحقّ، ) عميٌ ( يتعامون عن النظر إلى الحق بغير إعتبار.
وقرأ عبد الله :) صمّاً بكماً عمياً ( على معنى وتركهم كذلك، وقيل : على الذّم، وقيل : على الحال.
) فهم لا يرجعون ( عن الضلالة والكفر إلى الهداية والإيمان.
البقرة :( ١٩ ) أو كصيب من.....
ثم قال :) أو كصيّب ( هذا مثل آخر ضربه الله لهم أيضاً معطوف على المثل الأوّل مجازه : مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ومثلهم أيضاً كصيّب.
قال أهل المعاني :( أو ) بمعنى الواو، يريد وكصيّب، كقوله تعالى :) أم تريدون ( وأنشد الفرّاء :
وقد زعمت سلمى بأنّي فاجر
لنفسي تقاها أو عليها فجورها


الصفحة التالية
Icon