" صفحة رقم ١٩٥ "
قال الزجاج :( واعدنا ) جيد لأن بالطاعة والقبول بمنزلة المواعدة فكان من الله الوعد ومن موسى القبول.
وموسى : هو موسى بن عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب.
) أربعين ليلة ( وقرأ زيد بن علي :( أربعين ) بكسر الباء وهي لغة، و ( ليلة ) نصب على التمييز والتفسير، وإنّما قرن التاريخ بالليل دون النهار ؛ لأن شهور العرب وضعت على مسير القمر، والهلال إنّما يهلّ بالليل، وقيل لأنّ الظلمة أقدم من الضوء، والليل خُلق قبل النهار. قال الله عزّ وجلّ :) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ( الآية.
) ثمَّ اتخذتم العجل ( يقول أبو العالية : إنّما سمّي العجل لأنّهم تعجّلوه قبل رجوع موسى ج.
) من بعده ( من بعد انطلاق موسى إلى الجبل للميعاد.
) وأنتم ظالمون ( مشّاؤون لأنفسكم بالمعصية، وواضعون العبادة في غير موضعها.
البقرة :( ٥٢ ) ثم عفونا عنكم.....
) ثمَّ عفونا عنكم ( أي تركناكم فلم نستأصلكم، من قول له ج : أحفوا الشّوارب واعفوا اللحي، وقيل : محونا ذنوبكم، من قول العرب : عفت الرّيح المنازل فعفت.
) من بعد ذلك ( أي من بعد عبادتكم العجل.
) لعلكم تشكرون ( لكي تشكروا عفوي عنكم، وصنيعي إليكم.
واختلف العلماء في ماهيّة الشكر، فقال ابن عباس : هو الطاعة بجميع الجوارح لربّ الخلائق في السر والعلانية.
وقال الحسن : شكر النعمة ذكرها، قال الله تعالى :) وأمّا بنعمة ربك فحدّث (.
الفضل : شكر كل نعمة ألاّ يُعصى الله بعد تلك النعمة.
أبو بكر بن محمد بن عمر الوراق : حقيقة الشكر : معرفة المُنعم، وأن لا تعرف لنفسك في النعمة حظّاً بل تراها من الله عزّ وجلّ. قال الله تعالى :) وما بكم من نعمة فمن الله ( يدل عليه ما روى سيف بن ميمون عن الحسين : إنّ رسول الله ( ﷺ ) قال :( قال موسى ج : يا ربّ كيف استطاع آدم أنْ يؤدي شكر ما أجريت عليه من نعمك، خلقته بيدك واسجدت له ملائكتك واسكنته جنَّتك ؟ فأوحى الله إليه : إنّ آدم علم إنّ ذلك كله منّي ومن عندي فذلك شكر ).