" صفحة رقم ٢١٠ "
فبقي الاسم عليهم كما بقي الإسلام على أمّة محمد ( ﷺ ) والصابئين زمن استقامتهم من آمن منهم أي مات منهم وهو مؤمن ؛ لأنّ حقيقة الإيمان المؤاخاة.
قال : ويجوز أن تكّون الواو فيه مضمراً : أي ومن آمن بعدك يا محمد إلى يوم القيامة.
والطريق الآخر : إنّ المذكورين في أول الآية بالإيمان إنّما هو على طريق المجاز والتسّمية دون الحكم والحقيقة، ثمّ اختلفوا فيه :
فقال بعضهم : إنّ الذين آمنوا بالأنبياء الماضين والكتب المتقدمة ولم يؤمنوا بك ولا بكتابك.
وقال آخرون : يعني به المنافقين أراد : إنّ الذين آمنوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم، ونظير هذه الآية قوله تعالى :) يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله (، والذين هادوا : أي اعتقدوا اليهودية وهي الدين المبدّل بعد موسى ج، والنصارى : هم الذين اعتقدوا النصرانية والدّين المبدّل بعد عيسى، والصابئين : يعني أصناف الكفّار من آمن بالله من جملة الأصناف المذكورين في الآية.
وفيه اختصار وإضمار تقديره : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ؛ لأنّ لفظ ( من ) يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث.
قال الله تعالى :) ومنهم من يستمع إليك ( ) ومنهم من ينظر إليك ( ) ومنهم من يستمعون إليك (. قال ) ومن يقنت منكن لله ورسوله (، وقال الفرزدق في التشبيه :
تعال فإن عاهدتني لا تخونني
تكن مثل من ناديت يصطحبان
) ولا خوف عليهم ( فيما قدّموا.
) ولا هم يحزنون ( على ما خلّفوا، وقيل : لا خوف عليهم بالخلود في النار، ولا يحزنون بقطيعه الملك الجبّار، ولا خوف عليهم من الكبائر وإنّي أغفرها، ولا هم يحزنون على الصغائر فأنّي أكفّرها.
وقيل : لا خوف عليهم فيما تعاطوا من الإجرام، ولا هم يحزنون على ما اقترفوا من الآثام لما سبق لهم من الإسلام الآثام.