" صفحة رقم ١٠٢ "
أطعموهم ) إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً إنا نخاف من ربّنا يوماً عبوساً قمطريراً ( قال : والله ما قالوا لهم هذا بألسنتهم، ولكنهم أضمروه في نفوسهم، فأخبر الله سبحانه بإضمارهم يقولون : لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً، فيتمنون علينا به ولكنا أعطيناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله سبحانه :) فوقهم الله شرّ ذلك اليوم ولقاهم نضرة ( في الوجوه ) وسروراً ( في القلوب ) وجزاهم ( بما صبروا ) جنة ( يسكنونها ) وحريراً ( يلبسونه ويفترشونه ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً (.
قال ابن عباس : وبينا أهل الجنة في الجنة إذا رأوا ضوءاً كضوء الشمس وقد أشرقت الجنان لها فيقول أهل الجنة : يا رضوان قال : ربّنا عزّوجل ) لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ( فيقول : لهم رضوان : ليست هذه بشمس ولا قمر ولكن هذه فاطمة وعلي ضحكا ضحكاً أشرقت الجنان من نور ضحكهما، وفيهما أنزل الله سبحانه :) هل أتى على الإنسان حين من الدهر ( إلى قوله :) وكان سعيكم مشكوراً (.
وأنشدت فيه :
أنا مولى لفتى
أنزل فيه هل أتى
وعلى هذا القول تكون السورة مدنية، وقد اختلف العلماء في نزول هذه السورة فقال مجاهد وقتادة : هي كلّها مدنية، وقال الحسن وعكرمة : منها آية مكيّة وهي قوله سبحانه :) ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً ( والباقي مدني، قال الآخرون : هي كلّه مكيّة والله أعلم.
( ) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِئَانِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً إِنَّ هَاذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ تَنزِيلاً فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً ( ٢
الإنسان :( ١٤ ) ودانية عليهم ظلالها.....
) ودانية عليهم ظلالها ( أي قريبة منهم ظلال أشجارها، وفي نصب الدانية أوجه : أحدها العطف بها على قوله متكئين، والثاني على موضع قوله :) لا يرون فيها شمساً ( ويرون دانية، والثالثة على المدح، وأتت دانية لأن الظلال جمع وفي قراءة عبدالله ودانياً عليهم ليقدم الفعل، وفي حرف أبيّ ودان رفع على الإستئناف.
) وذلّلت ( سخّرت وقرّبت ) قطوفها ( ثمارها ) تذليلا ( يأكلون من ثمارها قياماً وقعوداً ومضطجعين ينالونها ويتناولونها كيف شاءوا على أي حال كانوا.


الصفحة التالية
Icon