" صفحة رقم ١٦٩ "
فلا تدل علي، وكان الغلام يبري الأكمه والابرص ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك قد كان عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال : لك هذا إن أنت شفيتني فقال : إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله عز وجل، فإن آمنت بالله دعوت الله عز وجل فشفاك، فآمن بالله تعالى فشفاه الله فأتى الملك يمشي فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك : وسأله بما شفيت قال : بدعاء الغلام، فأرسل إلى الغلام فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما يبرئ الأكمه والابرص وتفعل وتفعل، فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الراهب فجيء بالراهب فقيل له : ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبي فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال لهم اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به فاذا بلغ ذروته فإن رجع عن دينه وإلاّ فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال : اللهم اكفنيهم كيف شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك فقال له : ما فعل أصحابك ؟ فقال : أكفانيهم الله عز وجل فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال احملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فلجوا به فإن رجع عن دينه وإلاّ فاقذفوه فيه.
فذهبوا به فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت فأنكفأت بهم السفينة فغرقوا به، فجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : أكفانيهم الله عز وجل، فقال للملك : إنّك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال : ما هو ؟ قل : تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم تضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في صدغه فوضع الغلام يده في موضع السهم فمات، فقال الناس : آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام ثلاثاً ثلاثاً، فأُتي الملك فقيل له : أريت ما كنت تحذره قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس كلهم. فأمر ( بحفر ) الأُخدود بأفواه السكك وأضرم النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فاقذفوه فيها، أو قيل له اقتحم، ففعلوا ذلك حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال الغلام : يا أُمّه اصبري فإنك على حق ).
محمد بن يحيى قال : حدّثنا مسلم بن قتيبة قال : حدّثنا جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة في قول الله سبحانه :) قُتل أصحاب الأُخدود ( قال : كانوا من قومك من النبط، وقال الكلبي : هم نصارى أهل نجران وذلك ان ملك نجران أخذ بها قوماً مؤمنين فخدّ لهم في الأرض سبعة أخاديد طول كل واحد أربعون ذراعاً وعرضه اثنتا عشرة ذراعاً ثم طرح فيها ( النفط ) والحطب ثم عرضهم عليها فمن أبى قذفوه في النار، فبدأ برجل يقال له عمرو بن زيد فسأله


الصفحة التالية
Icon